lundi 7 mars 2016

فن الاضحاك

عمل جين بيريت طوال عشرين سنة في تأليف نكات للكوميدي الأمريكي بوب هوب، وكان السفر جوا من صميم عمله. وفي إحدى الرحلات، بينما كان منشغلا عن الاصغاء إلى تعليمات النجاة التي تتلوها المضيفة على مسامع الركاب، استرعى انتباهه عبارة فأرهف السمع. قالت المضيفة: "هناك خمسون طريقة للتخلص من حبيب، ولكن ثمة خمس طرق فقط للخروج من هذه الطائرة." وأضافت قبل الاقلاع: "الرجاء اعادة المقاعد إلى وضعها المستقيم الأكثر ازعاجا، وبعد الاقلاع يمكنك ارجاعها وكسر ركبتي المسافر الجالس خلفكم."

ويستشهد بيريت بهذه الطرفة لدلالتها. فروح الفكاهة تلفت انتباه أي شخص وتمرر الرسالة المطلوبة. يقول بيريت: "يعجز بعض الاشخاص عن رواية أي طرفة حتى إن تكن روايتها تنقذهم من حبل المشنقة. ولكن في وسع كل انسان أن يكتسب روح الدعابة ويتعلم فنون الظرف ويبرع فيها."
ويكمن السر في تنمية اسلوب خاص واتقان بعض الخدع والتمرن عليها وقتا كافيا.
والخطوة الأولى التي يوصي بها بيريت هو جمع (زاد) من القصص الطريقة. دونوا 25 طرفة تجدونها مضحكة. ثم حاولوا أن تعرفوا إن كنتم تنجحون أكثر في رواية الطرائف الطويلة أو في رواية النكات المحكمة المقتضبة. لا تحاولا الظهور بغير 
ابحثوا عن الفكاهة على الدوام وليس فقط قبيل عزمكم على استعمالها. وقد تفي كتب الطرف بالطلب، إلا أن بيريت يقترح البحث عن مواضيع في ثنايا الذاكرة. ويذكر مثلا يوم جاءته ابنته الصغيرة، وكانت في صف الحضانة، وأخبرته أن المعلمة طلبت منها القاء قصيدة في حفلة المدرسة. فعرض عليها تأليف قصيدة خاصة تلقيها، لكنها أجابته: "لا يا أبي، فأنا سألقي القصيدة أمام المدرسة كلها، لذا من الأفضل أن تكون جيدة."
فما من طرفة تريح الناس أكثر من تلك التي تنتقص من ذات صاحبها.
وينصح بيريت بتعديل الطرفة بحيث تلائم اسلوب الراوي وألفاظه.
ومن الضروري أيضا تكييف المواضيع وفقا للسامعين. تحدث بيريت مرة أمام جمع من مديري مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة، فقال: "لقد باعت ماكدونالدز أكثر من 75 مليار شطيرة همبرغر. وهي تمكنت من احصاء العدد تحديدا لأنها باشرت اليوم استعمال الكيلوغرام الثاني من اللحم المفروم."
يقول بيريت: "كلما كانت الدعابة دقيقة ووثيقة الصلة بالموضوع زادت قدرتها على إضحاك المستمعين."
ولكن حاذروا من الدعاية المهينة. ففي حفلة أقامتها إحدى الشركات روى بيريت طرفة طويلة تدور حول آلة طابعة لم تعمل يوما. وفي منتصف الرواية استشاط مدير القسم الذي انتج الآلة ونهر بيريت. وقد تعلم هذا منذ تلك الحادثة عدم المساس بمشاعر الآخرين والتزم السخرية من الأمور التي يسخر أصحابها من أنفسهم علنا.
وعندما يهزأ بوب هوب بأحد الرؤساء فإن سخريته لا تنال من السياسة الخارجية للرئيس بل من لعبة الغولف التي يمارسها أو في خيباته في الصيد.
وإحدى القواعد الأساسية في فن بيريت هي الآتية: "إذا شككت في سلامة النكتة فلا تروها."
وينصح بيريت بإسقاط فكرة بدء خطاب أو انهاءه بطرفة، لأن ذلك يعكس شعورا بعدم الثقة. أما إذا كنتم تصرون على سماع قهقهة قبل التطرق إلى موضوع خطابكم، فتذكروا أن تحمل الطرفة مدلولا قويا يدعم الخطاب.
ولكي تدعموا مقصدكم أعقبوا كلمتكم بطرفة صائبة. طلب مدير من موظفيه التصدي للمسائل المستعجلة أولا، ودعم حجته بالآتي: "هناك مثل شائع في بلدتي يقول: إن اضطررت إلى ابتلاع ضفدعة لا تطل النظر إليها."
وإذا شعرتم بضرورة إنهاء حديثكم بطرفة، فتحققوا من أنها ستلقى نجاحا. فعندما تخيب طرفة الختام تتعسر تسوية الوضع لاحقا.
الكوميديون المتمرسون أنفسهم لا يستبعدون الاخفاق بل يستعدون له ويستعينون عند الحاجة بما يعوض خيبتهم. حين يلقي بوب هوب طرفة فاشلة فانه يتبعها بعبارة مثل: "قالت لي زوجتي أن هذه الطرفة لن تضحك الناس، وأرى أنكم من رأيها."
وإليكم تعليمات أخيرة: لتكن طرفتكم قصيرة، واخبروها بروية، ولكن مهما تكن مضحكة فإياكم أن تستغرقوا في الضحك وأنتم تروونها   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire